أيّها القارئ الكريم : إنّ السمهودي يذكر ـ في كتابه وفاء الوفا ، الباب الثامن ـ قضايا ووقائع كثيرة وكلّها تدلّ على أنّ الاستغاثة برسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كانت سيرة مستمرة للمسلمين ، حتّى أنّه يقول : إنّ الإمام محمّد بن نعمان كتب كتاباً حول هذا الموضوع بعنوان : مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام.
٣. يقول محمّد بن المنكدر :
«أودع رجلٌ أبي ثمانين ديناراً ، وخرج للجهاد وقال لأبي : إن احتجت أنفقها إلى أن أعود ، وأصاب الناس جُهدٌ من الغلاء ، فأنفق أبي الدنانير ، فقدم الرجل وطلب ماله ، فقال له أبي : عُد إليَّ غداً. وبات في المسجد يلوذ بقبر النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ مرّة وبمنبره مرّة ، حتّى كاد أن يُصبح ، يستغيث بقبر النبيّ ، فبينما هو كذلك وإذا بشخصٍ ـ في الظلام ـ يقول : دونكها يا أبا محمّد ، فمدّ أبي يده فإذا هو بصُرّة فيها ثمانون ديناراً ، فلما أصبح جاء الرجل فدفعها إليه». (١)
٤. يقول أبو بكر المقري :
«كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ في حرم رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وكنّا على حالة وأثّر فينا الجوع ، وواصلنا ذلك اليوم ، فلمّا كان وقت العشاء حضرتُ قبر النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فقلت : يا رسول الله : الجوع ...
فحضر بالباب علويٌّ فدقَّ ففتحنا له ، فإذا معه غلامان مع كلّ واحد زنبيل فيه شيء كثير ، فجلسنا ، وأكلنا ، وظننّا أنّ الباقي يأخذه الغلام ، فولّى وترك عندنا الباقي ، فلمّا فرغنا من الطعام قال العلوي : يا قوم أشكوتم إلى رسول الله؟ فإنّي رأيت رسول الله في المنام فأمرني أن أحمل بشيء إليكم». (٢)
__________________
(١) وفاء الوفا : ٤ / ١٣٨٠.
(٢) المصدر السابق.