ولو فرضنا عدم وجود دليل ـ من القرآن والأحاديث ـ على شرافة هذه الأمكنة وفضيلة الصلاة والدعاء فيها ، فلما ذا تكون الصلاة محرّمة فيها؟!
ولما ذا لا تدخل هذه الأماكن ضمن إطار القانون الإسلامي العام الّذي يعتبر الأرض كلّها محلاً لعبادة الله ، حيث
يقول رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ :
«جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً»؟ (١)
الإضاءة عند القبور
إنّ مسألة الإضاءة عند قبور أولياء الله ـ والّتي يدّعي الوهّابيّون حرمتها ـ ليست ذات أهميّة كبرى ، لأنّ الدليل الوحيد الّذي يستدلّون به هو ما ذكره النسائي عن ابن عبّاس أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لعن زائرات القبور والمتّخذين عليها المساجد والسُّرُج. (٢)
وهذا الحديث ـ وأمثاله ـ يختصّ بما إذا كانت الإضاءة تضييعاً وتبذيراً للمال أو تشبُّهاً ببعض الأُمم والشعوب والأديان الباطلة ، كما أشار إليه العلّامة السندي في شرحه على هذا الحديث ـ حيث قال :
والنهيُ عنه لأنّه تضييعُ مالٍ بلا نفع. (٣)
وأمّا إذا كان الهدف من الإضاءة والإنارة هو تلاوة القرآن والدعاء والتضرّع إلى الله وإقامة الصلاة وغيرها من المستحبّات والواجبات والمنافع المشروعة فهذا
__________________
(١) صحيح البخاري : ١ / ٩١ ، مسند أحمد بن حنبل : ٢ / ٢٢٢ وغيرهما.
(٢) السنن للنسائي : ٣ / ٧٧.
(٣) السنن للنسائي : ٣ / ٧٧ طبعة مصر ، و ٤ / ٩٥ طبعة بيروت ؛ شرح الجامع الصغير : ٢ / ١٩٨.