٣. البناء على القبور في الأُمم السابقة
يستفاد من بعض الآيات الكريمة ـ في القرآن ـ أنّ تعظيم قبور المؤمنين كان أمراً شائعاً بين الأُمم الّتي سبقت ظهور الإسلام ، فبالنسبة إلى أصحاب الكهف ـ بعد ما انتشر خبرهم بين الناس وهرعوا إلى الكهف لمشاهدتهم ـ وقع الخلاف والنزاع حول مدفنهم وانقسموا قسمين ، فقال أحدهما :
(ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً).
وقال الآخر :
(لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً).
هنا نلاحظ أنّ القرآن الكريم يذكر لنا هذين الرأيين ، من دون أن ينتقدهما ، وعلى هذا يمكن القول بأنّه لو كان الرأيان باطلين لانتقدهما ، أو قصّ ، قصّتهما بأُسلوب رافضٍ مستنكر.
ويقول المفسّرون : إنّ النزاع ـ حول مدفن أصحاب الكهف ـ إنّما وقع بين المؤمنين والكافرين ، أمّا الكافرون فقالوا :
(ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً).
والمؤمنون قالوا :
(لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً). (١)
وكانت الغلبة مع المؤمنين حيث قال سبحانه :
(قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً).
وبني المسجد وصارت قبور أصحاب الكهف مركزاً للتعظيم والاحترام.
__________________
(١) الكهف : ٢١.