ومفهوم ذلك هو أنّ هذين الأمرين يجوزان للمؤمن.
وبهذا ثبت جواز زيارة قبر المؤمن وجواز الصلاة والدعاء على روحه ، حتّى بعد مئات السنين.
هذا بالنسبة إلى المرحلة الأُولى وهي أصل الزيارة من وجهة نظر القرآن ، وأمّا بالنسبة إليها من ناحية الأحاديث فإليك بيانها :
الأحاديث الشريفة وزيارة القبور
يستفاد من الأحاديث الشريفة ـ الّتي رواها أصحاب الصحاح والسُّنن ـ أنَّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ نهي عن زيارة القبور نهياً مؤقّتاً لأسباب خاصّة ، ثمّ رفع النهي ورغّب في الزيارة.
ولعلّ علّة النهي المؤقّت هي أنّ الأموات كانوا مشركين وعبدة للأصنام ، وقد قطع الإسلام كلّ العلاقات مع الشرك وأهله ، فنهى النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عن زيارة الأموات. (١)
ويحتمل أن تكون العلّة شيئاً آخر ، وهو أنّ المسلمين كانوا حديثي العهد بالإسلام ، فكانوا ينوحون على قبور موتاهم نياحة باطلة تُخرجهم عن نطاق الشريعة ، ولمّا تمركز الإسلام في قلوبهم وأنسُوا بالشريعة والأحكام ، ألغى النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بأمر الله تعالى النهي عن زيارة القبور ، لما فيها من الآثار الحسنة والنتائج الطيّبة ، ولهذا روى أصحاب الصحاح والسُّنن أنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال :
١. «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زيارَة الْقُبُور ، فَزُورُوها فَإِنَّها تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيا وتُذَكِّرُ
__________________
(١) ويؤيّد هذا الاحتمال ما كان يقوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عند زيارته لأهل القبور : «دار قوم مؤمنين» كما سيأتي تفصيله.