الفصل التاسع عشر
الاستغاثة بأولياء الله تعالى
هل يجوز نداء أولياء الله والاستغاثة بهم في الشدائد والمكاره؟
هذه المسألة من المسائل التي وقع الاختلاف فيها بين الوهّابيّين وغيرهم. فالسُنَّة الإسلامية قائمة بين المسلمين على الاستغاثة بالأنبياء وأولياء الله ، وندائهم بأسمائهم عند الشدائد والمصاعب والأخطار المحتملة ، سواء كانت الاستغاثة عند قبورهم الشريفة أو في مكان آخر. ولا يرى المسلمون بأساً في هذه الاستغاثة ، ولا شركاً ولا مخالفة للدين ، في حين يتعصّب الوهّابيّون ضدّ هذه الظاهرة الإسلامية تعصُّباً شديداً ، ويتذرّعون ببعض الآيات القرآنية ـ التي لا علاقة لها بالمسألة أبداً ـ لتلبيس باطلهم بالحق ، كقوله تعالى :
(وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً). (١)
ولكي تطّلع ـ أيّها القارئ الكريم ـ على الآيات القرآنية التي يستدلّ بها الوهّابيّون على رأيهم الشاذ ، نتناول تلك الآيات بالبحث والتشريح ـ إن شاء الله تعالى ـ كي تعرف تفسيرها الصحيح ، وبذلك نردّ عليهم من نفس القرآن الكريم الذي زعموا أنّهم يستدلّون به ، قبل كلّ شيء ، نذكر بعض تلك الآيات :
(لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ ...). (٢)
__________________
(١) الجن : ١٨.
(٢) الرعد : ١٤.