٢. المشركون والتشفّع بالأصنام
بعد إبطال الدليل الأوّل للوهّابيّة على حرمة طلب الشفاعة من الأولياء ، يأتي دور إبطال الدليل الثاني وهو : أنّ الله تعالى إنّما اعتبر عَبَدة الأصنام مشركين ، لأنّهم كانوا يطلبون الشفاعة من أصنامهم ، وكانوا يبكون أمامها ويطلبون الوساطة منها ، كما قال تعالى :
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ ...). (١)
وعلى هذا الأساس فإنّ مطلق طلب الشفاعة من غير الله يُعتبر شركاً بالله وعبادة للشفيع.
الجواب
أوّلاً : ليست في هذه الآية أيّة دلالة على ما ترتئيه الوهّابيّة أبداً ، لأنّ القرآن عند ما يعتبر أُولئك مشركين فليس لأجل طلبهم الشفاعة من الأصنام ، بل بسبب عبادتهم لها ، عبادة تؤدّي بهم إلى الاستشفاع بها أيضاً.
ولو كان مجرّد طلب الشفاعة من الأصنام عبادة لها وموجباً للشرك ، لما كانت هناك حاجة إلى قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا) بل كان قوله سبحانه : (وَيَعْبُدُونَ) كافياً لنسبة الشرك إليهم ، فعطف الجملة الثانية على الأُولى دليل على أنّهما شيئان مستقلّان ، وأنّ موضوع عبادة الأصنام يفترق عن موضوع طلب الشفاعة منهم.
فعبادتهم الأصنام دليل على كونهم مشركين بالله تعالى ، واستشفاعهم
__________________
(١) يونس : ١٨.