والمغفرة قد فُوِّضت إليهم تفويضاً مطلقاً لا يحتاج إلى إذن الله سبحانه.
كلّا ، إنّ الشفعاء الصالحين إنّما يشفعون في إطار «إذن الله سبحانه» لمن يستحقّ الشفاعة ويليق بها ، بأن تكون علاقاتهم المعنوية متّصلة بالله ، غير مقطوعة عن الشفعاء.
ومن الواضح أنّ طلب الشفاعة من الميّت لو كان معناه عبادته ، لكان الطلب من الشفيع الحيّ عبادة له أيضاً.
وقد ذكرنا ـ في فصلٍ سابق ـ أنّ القرآن يدعو المسلمين إلى الحضور عند رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وطلب الاستغفار لهم من الله سبحانه ، وليس هذا الطلب سوى طلب الشفاعة من النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في حياته ، ولا يمكن أن يكون هذا العمل شركاً في زمان ، وتوحيداً في زمان آخر.
كما ذكرنا أيضاً ـ في فصل الاستعانة بأولياء الله ـ أنّ الاستشفاع بالوليّ الصالح إذا لم يكن باعتقاد ألوهيّته وربوبيّته فلا يُعتبر شركاً أبداً ، فمثلاً يقول تعالى :
(... وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). (١)
فيحصر الاستعانة بذاته المقدّسة ، ثمّ يقول سبحانه أيضاً :
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ...). (٢)
فهل يقول قائل : إنّ الاستعانة بالصبر شركٌ بالله؟!
طبعاً ... لا ، لأنّ الاستعانة المحرّمة هي المقرونة بالإيمان بربوبيّة غير الله سبحانه ، وهذا ما لا يؤمن به أحد من المسلمين.
__________________
(١) الفاتحة : ٥.
(٢) البقرة : ٤٥.