إنّ نظرية كهذه تستلهم أفكارها من «الفلسفة الماديّة» الّتي تعتبر الإنسان كماكنة مركّبة من قِطَع وأجزاء مختلفة ، وأنّ تأثير هذه الأجزاء على بعضها يولّد قدرة التفكير والإدراك في المخ ، فإذا تعطلت هذه الأجزاء عن الحركة انعدمت آثار التفكير وتفنى الحياة فناءً كاملاً.
إنّ كبار الفلاسفة والعلماء الإلهيّين يُفنّدون تماماً نظريات المادّيين حول الروح ويقولون بأنّ للإنسان ـ بالإضافة إلى النظام المادّي الحاكم في جسمه ، والتفاعلات المتبادلة وسلسلة الأعصاب ـ جوهراً أصيلاً اسمه «الروح» ، وهذا الجوهر يُلازم البَدن فترة من الزمان ثمّ ينفصل عنه ويُحلّق في عالم آخر اسمه «البرزخ» ليلتحق بجسم لطيف هناك.
إنّ التحدّث عن بقاء الروح بعد الموت يستدعي كتاباً مستقلاً حوله ، ولا يمكن البحث عنه ـ بالتفصيل ـ في هذه الصفحات المحدودة ، وذلك لأنّ الآيات القرآنية والأدلّة الفلسفية وتجارب الروحيّين الثابتة قد برهنت اليوم على بقاء الروح الإنسانية بعد الموت.
وهنا نكتفي فقط بذكر بعض الآيات الّتي تثبت بقاء الروح بعد الموت.
القرآن وبقاء الأرواح
إنّ الآيات القرآنية تدلّ بوضوح كامل ـ على بقاء الروح بعد الجسد ، ولمراعاة الاختصار نذكرها ذكراً عابراً ، على أمل أن نُقدّم تحليلاً لها في فرصة أُخرى :
أ : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ). (١)
__________________
(١) البقرة : ١٥٤.