ب : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ ... * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ ...). (١)
ودلالة الآيتين على المقصود واضحة.
ج : (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ). (٢)
إنّ المقصود من الجنّة الّتي أُمر أن يدخل فيها هي الجنة البرزخية لا الجنة الأُخروية بدليل قوله تعالى : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ). إنّ تمنّي معرفة قومه على مكانه لا يتّفق مع عالَم الآخرة الّتي «تُبلى السرائر» فيها وتُرفع فيها الأستار أمام الأنظار ، ولا تخفى ـ يومئذٍ ـ أحوال بعض الناس عن بعضهم ، بل إنّه ينسجم مع الحياة الدنيا الّتي يعيش الناس فيها منقطعين عن البرزخ وقضاياها وما يجري على الناس فيها ، وهذا ما يشهد به القرآن الكريم.
بالإضافة إلى ذلك ... إنّ الآية الأُخرى التالية ـ بعد الآية المذكورة ـ تدلّ بأنّ قوم ذلك الرجل فارقوا الحياة ـ بعد ذلك ـ إثر صيحة سماوية عنيفة ، يقول تعالى : د : (وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ * إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ). (٣)
يُستفاد من هاتين الآيتين بأنّ قوم الرجل ـ الذي دخل الجنّة ـ كانوا يعيشون في هذه الحياة ، ثمّ فاجأهم الموت بغتة ، فهذه الجنّة ليست إلّا جنّة البرزخ.
__________________
(١) آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧١.
(٢) يس : ٢٥ ـ ٢٧.
(٣) يس : ٢٨ ـ ٢٩.