لله تبارك وتعالى ، لكن كانوا على اعتقاد انّه فُوض إلى الآلهة أُمور التكوين والتشريع كلّها أو بعضها ، فلذلك كانوا يستمطرون بالأنواء والأصنام ويطلبون الشفاعة منهم بتصور انّهم مالكون لحقّ الشفاعة ، ويطلبون منهم النصرة والعزة في الحرب بزعم انّ الأمر بيدهم وانّه فوض إليهم.
وعلى ضوء هذه التعاريف الثلاثة يظهر الفرق الجوهري بين التوحيد في العبادة والشرك فيها ، فكلّ خضوع نابع عن اعتقاد خاص بإلهية المخضوع له وربوبيته أو تفويض الأمر إليه فهو عبادة للمخضوع له سواء أكان الاعتقاد بالأُلوهية أو الربوبيّة في حقّ المعبود حقاً ـ كما في الله سبحانه ـ أم باطلاً كما في حقّ الأصنام. وعلى كلّ تقدير فالخضوع الناجم عن هذا النوع من الاعتقاد ، عبادة للمخضوع له.
وأمّا لو كان الخضوع مجرداً عن هذه العقيدة فهو تعظيم وتكريم ، وليس بعبادة ، ولا يكون الخاضع مشركاً ، ولا عمله موصوفاً بالشرك ، غاية الأمر ربما يكون حلالاً كما في الخضوع أمام الأنبياء والأولياء ومن وجب له حقّ بالتعليم والتربية ، وربما يكون حراماً كالسجود أمام النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ والولي ـ عليهالسلام ـ وغيرهما لا لأنّه عبادة للمسجود له ، بل لانّه لا يجوز السجود لغيره سبحانه وانّ السجود خضوع لا يليق بغيره.
إيضاح للقول بالتفويض
لو أنّ إنساناً اعتقد بأنّ الله سبحانه قد فوَّض أفعاله ـ من الإرزاق والإحياء وغيرهما ـ إلى بعض مخلوقاته ـ كالملائكة والأولياء ـ وأنّهم هم الذين يُديرون شئون الكون ويدبّرون أُموره ، ولا علاقة لله سبحانه بذلك ، ودفعه هذا الاعتقاد إلى الخضوع لهم ، فلا شكّ أنّ خضوعه هذا عبادة ، وأنّ عمله هذا