شرك بالله سبحانه.
وأمّا إذا كان خضوعه عارياً عن هذا الاعتقاد فلا يوصف عمله بالشرك لأنّه لم يعتقد في المخضوع له وانّه مصدر للأفعال الشرعية أو مفوض إليه أفعاله سبحانه وإن أردت التفصيل فنقول :
لو اعتقد بأنّ الله قد فوَّض صلاحيّة تنفيذ هذه الأفعال إلى الملائكة والأولياء وبقي سبحانه مجرّداً من كلّ صلاحية ، والملائكة والأولياء ينفّذون تلك الأفعال بالاستقلال ومن دون إذنه سبحانه ، فيكون هذا الإنسان ـ المعتقد هذا الاعتقاد ـ قد جعل لله مِثلاً وندّاً ، ولا شكّ أنّ هذا الاعتقاد هو الشِّرك بذاته ، وأنّ التوسّل والخضوع ـ النابعين من هذا الاعتقاد ـ هو عبادة ، كما جاء في القرآن الكريم :
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ ...). (١)
إنّ أيّ كائن وموجود لا يستطيع أن يكون مِثلاً لله وندّاً ، إلّا إذا صار يتصرّف في الكون بإرادته الشخصية ومن دون إرادة الله تعالى ، وليس أحدٌ كذلك ، بل إنّ كلّ كائن خاضعٌ لإرادة الله سبحانه ـ شاء أو أبى ـ وعليه فلا يكون ندّاً لله فحسب بل يكون مطيعاً له يتصرّف وفق إرادته سبحانه.
والجدير بالذكر أنّ المشركين كانوا يعتقدون بأنّ أصنامهم المعبودة مستقلّة في التصرُّف في هذا الكون والشئون الإلهية ، وقد كان أضعف درجات الشرك ـ في العهد الجاهلي ـ هو الاعتقاد بتفويض التقنين والتشريع إلى الأحبار والرهبان ، كما قال تعالى :
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ...). (٢)
__________________
(١) البقرة : ١٦٥.
(٢) التوبة : ٣١ لاحظ في تفسير الآية مجمع البيان : ٥ ـ ٦ / ٣٧ ، دار المعرفة ، بيروت.