مسبَّب سبب» فكلّ شيء لا يمكن أن يكون له وجود إلّا بسبب ، فالحياة حياة الأسباب والمسبّبات ، وبالتالي : لا توجد في العالم ظاهرة دون أن يكون لها سبب.
كذلك معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء لا تحدث بدون سبب ، بيدَ أنّ السبب ليس سبباً مادّيّاً طبيعياً ، بل هو غيبيّ ما ورائيّ فوق التصوّر.
فمثلاً : إذا تحوّلت عصا موسى إلى ثعبان ، وأحيا عيسى الموتى ، وانشقّ القمر لرسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وسبَّحتْ حبّات الرمال في يده ، وغير ذلك من معجزات الأنبياء ... فإنّ كلّ هذه لم تحدث بلا سبب ، ولكن السبب ـ كما قلنا ـ ليس مادّيّاً ملموساً نراه بأعيينا ، لا أنّها حدثت بلا سبب أبداً.
بعد هذه الكلمة الخاطفة نتحدّث الآن عن الموضوع المطروح على بساط التحقيق وهو : طلب الأعمال الاستثنائية والإعجازية من أولياء الله تعالى.
إنّ الوهّابيّة تدّعي أنّ طلب الأعمال الخارقة للطبيعة شرك بالله سبحانه ، ولكن طلب الأعمال المادّية الطبيعية ليس كذلك ، فما هو رأي الإسلام حول هذا الادّعاء؟
الجواب : هذا القرآن الكريم خير دستور نتحاكم إليه ، ترى في مواضع متعدّدة منه التصريح بأنّه قد طلب من الأنبياء ـ وغيرهم القيام بأعمال إعجازية خارجة عن إطار قوانين الطبيعة المادّية.
فمثلاً : طلب قوم موسى ـ عليهالسلام ـ منه أن يوفّر لهم الماء والمطر ويُنقذهم من الجفاف الذي كانوا يُعانون منه ، وصدر الأمر من الله تعالى بتلبية طلبهم ، قال سبحانه :
(... وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ). (١)
__________________
(١) الأعراف : ١٦٠.