٤. وأمّا بالنسبة إلى «أبي وائل» فقد كان من المنحرفين عن الإمام علي أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ وممّن نصب العداء والبغضاء له ـ عليهالسلام ـ (١) فكيف يعتمد عليه وقد قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ :
«يا عليُّ لا يُحِبكَ إلّا مُؤْمِنٌ ، ولَا يُبْغِضُكَ إلّا مُنَافِقٌ». (٢)
والجدير بالذكر : أنّ راوي الحديث (أبو الهيّاج) ليس له حديث في كلّ الصحاح الستة ـ من أوّلها إلى آخرها ـ إلّا هذا الحديث فقط ، فما ذا تقول في رجل ليست له إلّا رواية واحدة؟!
إنّ هذا يدلّ على أنّ الرجل ليس من رجال حلبة الحديث ، وعلى هذا الأساس فالاعتماد على حديثه لا يخلو من إشكال.
أيّها القارئ الكريم : هذا سند حديث أبي الهيّاج ، وقد عرفت ضعف رواته وعدم اتفاق علماء الرجال عليهم ، فإذا كان الحديث محفوفاً بهذه الإشكالات المتعدّدة ، فلا يمكن لأيّ فقيه أن يستند عليه في استنباط الحكم وإصدار الفتوى.
وأمّا دلالة الحديث فلا تقلّ إشكالاً عن السند ذاته ، إذ أنّ النقطة المهمّة الّتي يستشهدون بها ـ في هذا الحديث ـ هو قوله :
«ولا قَبْراً مُشْرِفاً إلّا سَوَّيْتَهُ».
وهنا لا بدّ من وقفة تأمّل وتحقيق عند كلمتي :
١. مشرفاً.
٢. سوّيته.
١. إنّ لفظة «المشرف» معناه : العالي والمرتفع. قال في المنجد :
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٩ / ٩٩.
(٢) مجمع الزوائد للهيثمي : ٩ / ١٣٣ ، روى قريباً منه الترمذي في صحيحه : ٢ / ٣٠١ ، مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان وغيرهم.