وهذا الوجه من الاحتجاج يمكن أن يجعل وجوها أربعة : بأن يقال : لو كانت النفس جسما ، لما كانت عاقلة للمجردات أو للكليات ، أو للبسائط ، أو للممانعات.
والجواب : أن مبنى هذا الاحتجاج على مقدمات غير مسلمة عند الخصم ، منها أن تعقل الشيء ، يكون بحلول صورته في العاقل ، لا بمجرد إضافة بين العاقل والمعقول.
ومنها : أن النفس لو لم تكن مجردة لكانت (١) منقسمة ، ولم لم يجز أن تكون جوهرا وضعيا غير منقسم ، كالجزء الذي لا يتجزأ؟.
ومنها : أن الشيء إذا كان مجردا كانت صورته الإدراكية (٢) مجردة يمتنع حلولها في المادي ، ولم لم يجز أن تكون حالة في جسم عاقل؟ لكنها إذا وجدت في الخارج ، كانت ذلك الشيء المجرد.
ومنها : أن صورة الشيء إذا اختصت بوضع ومقدار (٣) وكيفية لحلولها في جسم كذلك ، كان الشيء أيضا مختص بذلك ، ولم لم يجز أن يكون في ذاته غير مختص بشيء (٤) من الأوضاع ، والكيفيات والمقادير ،. ومنها أن الشيء إذا لم يقبل الانقسام ، كانت صورته الحاصلة في العاقل كذلك ، ولم لم يجز أن تكون منقسمة بانقسام المحل العاقل ، مع كون الشيء غير منقسم لذاته ، ولو لحلوله في منقسم.
ومنها : أن الشيئين إذا كانا بحيث يمتنع اجتماعهما في محل كالسواد والبياض كانت الصورتان الحاصلتان منهما في الجوهر العاقل كذلك.
وقد سبق أن صورة الشيء قد تخالفه في كثير من الأحكام.
ومنها : أن اجتماعهما في العاقل لا يجوز أن يكون لقيام كل منهما بجزء منه.
__________________
(١) في (ب) بزيادة لفظ غير وهو تحريف.
(٢) سقط من (أ) لفظ الإدراكية).
(٣) سقط من (ب) لفظ (ومقدار).
(٤) في (ب) بوضع بدلا من (بشيء).