الجسم كافيا في تعقله ، ومع هذا لا يحتاج إلى انتزاع الصورة ، بل إلى حصول شرائط تلك الإضافة المخصوصة.
وأيضا لا تماثل بين الصورتين ، لأن المنتزعة (١) حالة في النفس ، والأصلية في الجسم ، بل في مادته ، ولو جعلنا مثلين من جهة كونهما صورة لشيء واحد من غير اختلاف ، إلا في كون إحداهما منتزعة قائمة بالنفس ، والأخرى أصلية قائمة بالمادة ، فاجتماع المثلين ، إنما يمتنع من جهة ارتفاع التمايز على ما سبق.
وهاهنا الامتياز باق ، وإن جعلا قائمين لشيء واحد ، لأن قيام المنتزعة بواسطة النفس بخلاف الأصلية ، على أن الحق إن قيامها بمادة الجسم ، وقيام المنتزعة بالجسم نفسه ، وإن ذلك إنما يلزم لو كان حلول النفس في ذلك الجسم حلول العرض في محله لا بطريق مداخلة الأجزاء.
[قال (ثم بنوا)
على استلزام إدراك الكلى تجرد العقل (٢) ، والجزئي توسط الآلات. تارة (٣) إن للأفلاك نفوسا مجردة ، وقوى جسمانية ، لما أن حركاتها ليست طبيعية. لأن المطلوب بالطبع لا يكون مهروبا عنه بالطبع ، ولا قسرية ، لأنها إنما تكون على خلاف الطبع ، فتنتفي بانتفائه ، وعلى وفق القاسرة فتشابه ، بل إرادية ، ولا يكفي التخيل المحض (٤) ، لأنه لا ينتظم أبدا ، ولا التعقل الكلي ، لأنه لا يصلح مبدأ لجزئيات الحركة ، لاستواء نسبته إلى الكل ، وأكثر المقدمات في حيز المنع.
يشير إلى أن للأفلاك نفوسا مجردة لتعقل الكليات ، وقوى جسمانية ، لتخيل الجزئيات ، وذلك لأن حركاتها المستديرة ليست طبيعية. لأن الحركة الطبيعية تكون عن حالة منافرة إلى حالة ملائمة ، فلو كانت طبيعية ، لزم في الوصول إلى كل نقطة أن يكون مطلوبا بالطبع ، من حيث الحركة إليها ، ومهروبا عنه بالطبع من حيث
__________________
(١) في (أ) المنزعة بدلا من (المنتزعة)
(٢) في (ب) العاقل بدلا من (العقل)
(٣) سقط من (أ) لفظ (تارة)
(٤) سقط من (ب) لفظ (المحض)