إرادية ، فيكون المطلوب محسوسا أو معقولا. والأول باطل. لأن طلب المحسوس إما أن يكون للجذب أو للدفع ، وجذب الملائم شهوة ، ودفع المنافر غضب ، وهما على الفلك محال ، لأنه بسيط متشابه الأحوال ، لا يتغير من حالة غير ملائمة إلى حالة ملائمة ، فتعين الثاني ، وهو أن يكون المطلوب معقولا ، وذلك المطلوب معشوق ، لأن دوام الحركة ، إنما يكون لفرط طلب تقتضيه محبة مفرطة (١) هي العشق.
فالعاشق الطالب. إما أن يريد نيل ذاته ، أو نيل صفاته ، أو نيل شبه إحداهما ، وإلا لما كان له تعلق بالمعشوق ، والأولان باطلان ، لأن الذات أو الصفة ، إما أن تنال في الجملة ، فيلزم انقطاع الحركة لامتناع طلب الحاصل وهو محال (٢) ، لأنها علة وجود الزمان ، وإما أن لا ينال أصلا ، فلا بدّ من اليأس عن حصول ما هذا شأنه ، ويلزم الانقطاع ، أو دوام طلب المحال على أن نيل الصفة محال لامتناع زوالها عن محلها ، فتعين الثالث ، وهو أن يكون الطلب لنيل شبه بالمعشوق ، ولا يجوز أن يكون شبها مستقرا ، وإلا يلزم الانقطاع ، أو طلب الحاصل ، بل شبها غير مستقر ، أي شبها (٣) بعد شبه ، بحيث ينقضي شبه ويحصل آخر ، ويجب أن يحفظ ذلك بتعاقب الأفراد ، لا إلى نهاية ، وإلا يلزم الانقطاع ، فيثبت أن المطلوب حصول مشابهات غير متناهية تحصل على التدريج في أوقات غير متناهية ، لئلا يلزم انقطاع الحركة فيكون المعشوق موجودا متصفا بصفات كمال غير متناهية بتحرك الفلك ، ويستخرج بحركته الأوضاع الممكنة ، من القوة إلى الفعل ، ويحصل له بكل وضع شبه بالمعشوق الذي هو بالفعل من كل الوجوه ، ولم يزل يزول وضع ويحصل آخر ، فيزول شبه ويحصل آخر ، ويحفظ كل منهما بتعاقب الأفراد والفلك ، يقبل منه للقبض بواسطة تلك المشابهات ، ولا يجوز أن يكون ذلك هو الواجب ، وإلا لم تختلف الحركات ، فتعين أن يكون فعلا ، ويثبت بذلك تعدد العقول.
__________________
(١) في (أ) مغرطه بدلا من (مفرطة)
(٢) سقط من (ب) جملة (وهو محال)
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (بعد)