ومما وصفه به احد الواصفين قال : من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه معرفة احبه ، وكان كثير الابتهال دائم السؤال من الله تعالى أن يزينه بمحاسن الآداب ومكارم الأخلاق ، فكان يقول في دعائه : اللهم حسن خلقي وخلقي ويقول : اللهم جنبني منكرات الأخلاق.
وروى مسلم في صحيحه بسنده إلى حذيفة بن اليمان قال : خرجت أنا وابو حسيل ، فأخذنا كفار قريش فقالوا : انكم تريدون محمدا. فقلنا : ما نريد إلا المدينة ، فأخذوا عهد الله وميثاقه لننصر فن إلى المدينة ولا نقاتل معه ، فأتينا رسول الله فأخبرناه الخبر فقال : انصرفا إليهم بعهدهم ونستعين الله عليهم :
وعن الحسن بن علي (ع) قال : سألت خالي هند بن ابي هالة عن حلية رسول الله ـ وكان وصافا يحسن أن يصف النبي (ص) ـ فقال : كان رسول الله فخما مفخما اطول من المربوع واقصر من المشذب عظيم الهامة رجل الشعر.
قال الحسن (ع) : وكتمتها الحسين زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه وسألته عمن سألته عنه فوجدته قد سأل أباه عن مدخل النبي ومخرجه ومجلسه وشكله فلم يدع منه شيئا.
قال الحسين : سألت ابي عن مدخل رسول الله؟ فقال : كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك ، فاذا آوى إلى منزله جزأ دخوله إلى ثلاثة أجزاء جزءا لله وجزءا لأهله وجزءا لنفسه ، ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس ، فيرد ذلك بالخاصة إلى العامة ولا يدخر عنهم منه شيئا.
فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟ فقال : كان يخزن لسانه إلا عما يعنيه ، ويؤلفهم ولا ينفرهم ، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن ينطوي عن أحد بشره ولا خلقه ، ويتفقد اصحابه ويسأل الناس عما في الناس ، ويحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويوهنه ، معتدل الأمر غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا» ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه.