إلا على كل امر جميل. ثم صرت إلى سر من رأى فبدأت بوصيف التركي فأخبرته بوصوله فقال : والله لئن سقطت منه شعرة لا يطالب بها سواك ، فعجبت كيف وافق قوله قول إسحاق ، فلما دخلت على المتوكل سألني فأخبرته بحسن سيرته وسلامة نيته وورعه وزهادته وانى فتشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف وكتب العلم وان أهل المدينة خافوا عليه ، فأكرمه المتوكل واحسن اجازته.
وروى الناس عنه من اجوبة المسائل في الفقه وغيره من انواع العلوم الشيء الكثير ، ومن أخباره مع المتوكل ما روى ابن خلكان في الوفيات أنه سعي بالامام الهادي إلى المتوكل بأن في منزله سلاحا وكتبا من شيعته أهل قم وأنه يطلب الأمر لنفسه وأنه عازم على الوثوب ، فبعث إليه جماعة من الأتراك فهجموا على داره ليلا فوجدوه على الأرض عليه مدرعة صوف وهو جالس على الرمل مستقبل القبلة يقرأ القرآن ويترنم بآيات من الوعد والوعيد وليس بينه وبين الأرض بساط إلا الرمل ، فحمل على حاله إلى المتوكل والمتوكل في مجلس الشراب ، فدخل الامام الهادي عليه والكأس في يد المتوكل ، فلما رآه عليهالسلام وعظم الامام واجلسه إلى جانبه وناوله الكأس التي كانت في يده ، فقال الامام : والله ما يخامر لحمي ودمي قط فاعفني فاعفاه ، ثم قال له انشدني شعرا. فقال : اني قليل الرواية للشعر. فقال : لا بدّ ، فأنشد الأشعار التي نسبت إلى جده امير المؤمنين علي عليهالسلام كما في ديوانه المنسوب إليه :
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم |
|
غلب الرجال فلم تنفعهم القلل |
واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم |
|
وأودعوا حفرا يا بئسما نزلوا |
ناداهم صارخ من بعد ما رحلوا |
|
اين الأسرة والتيجان والحلل |
اين الوجوه التي كانت محجبة |
|
من دونها تضرب الاستار والكلل |