على الله ووجوب نصب الحج عقلا ونقلا.
الثاني قال بعض المحققين اعلم أن الدنيا منزل من منازل السائرين الى الله عزوجل والبدن مركب ومن غفل عن تدبير المنزل والمركب لم يتم سفره وما لم يتنظم امر المعاش في الدنيا لا يتم أمر التبتل والانقطاع الى الله الّذي هو السلوك ولا يتم ذلك حتى يبقى بدنه سالما ونسله دائما وإنما يتم كلاهما بأسباب لوجودهما واسباب الدفع لمفسدتهما ومهلكاتهما اما اسباب الحفظ لوجودهما فالاكل والشرب وذلك لبقاء البدن والمناكحة وذلك لبقاء النسل وقد خلق الله الغذاء والمنكوح سببا للحياة والاناث محلا للمراءة إلا أنه ليس يختص المأكول والمنكوح ببعض الآكلين والناكحين بحكم الفطرة مع انهم محتاجون الى تمدن واجتماع وتعاون إذ لا يمكن لكل منهم أن يعيش مدة يتولى تدبيراته المتكثرة المختلفة من غير شريك يعاونه على ضروريات حاجاته بل لا بد مثلا من ان ينقل هذا لهذا وشخص ثاني للبناء والثالث للحراثة وعلى هذا القياس فافترقت اعدادا واختلفت احزابا وانعقدت ضياع وبلدان فاضطروا في معاملاتهم ومناكحاتهم وجناياتهم الى قانون مرجوع إليه بين كافتهم يحكمون به بالعدل وإلا لتهارشوا وتقاتلوا بل شغلهم ذلك عن السلوك للطريق بل افضى بهم الى الهلاك وانقطع النسل واختل النظام لما جبل عليه كل أحد من ان يشتهى لما يحتاج إليه ويغضب على من يزاحمه فيه.
وذلك القانون هو الشرع ولا بد من شارع يعين لهم ذلك القانون والمنهج لينتظم به معيشتهم في الدنيا وليس لهم طريق يصلون به الى الله عزوجل بأن يفرض لهم من يذكرهم امر الآخرة ويوصلهم الى ربهم وينذرهم يوما ينادون فيه من مكان قريب وتنشق الارض عنهم سراعا ويهديهم الى صراط مستقيم لأن لا ينسوا ذكر ربهم ويذهلوا بدنياهم عن عقباهم التي هي العناية القصوى والمقصد الأسنى.
الثالث إن الغرض والحكمة في ايجاد الخلق المعرفة والعبادة كما قال الله تعالى (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وذلك يتوقف على تعيين واسطة بين الحق