ووزير ميّافارقين.
كان من رجال العالم حزما ودهاء ورأيا. سعى إلى أن قدم بغداد ، وتوصّل إلى أن ولي وزارة أمير المؤمنين القائم بأمر الله في سنة أربع وخمسين وأربعمائة. ودامت دولته مدّة.
ولمّا بويع المقتدي بالله أقرّه على الوزارة عامين ، ثمّ عزله في حدود سنة سبعين.
وفي سنة ستّ وسبعين استدعاه السّلطان ملك شاه ، فعقد له على ديار بكر ، وسار معه الأمير أرتق بن أكسب صاحب حلوان. فلمّا وصلوا فتح زعيم الرؤساء أبو القاسم بن الوزير أبي نصر مدينة آمد ، بعد أن حاصرها حصارا شديدا.
ثمّ فتح أبوه فخر الدّولة ميّافارقين بعد أشهر.
وكان رئيسا جليلا ، مدحه الشّعراء ، وعاش نيّفا وثمانين سنة. وتوفّي بالموصل. وكان قد قدمها متولّيا من جهة ملك شاه في سنة اثنتين وثمانين.
وكان الخليفة قد أعاده إلى الوزارة مدّة ، قبل سنة ثمانين ، وفي حدودها.
وولد في ثالث المحرّم سنة اثنتين وأربعمائة.
قال ابن النّجّار في «تاريخه» : ذكر أبو الحسن محمد بن عبد الملك الهمذانيّ أنّه نشأ بالموصل ، وبها ولد. وكان مشتغلا بالتّجارة. ثمّ تركها.
وصحب قراوش بن المقلّد بن المسيّب أمير عبادة. فلمّا قبض الأمير بركة على أخيه قرواش قرب منه أبو نصر ، وأنفذه رسولا إلى القسطنطينيّة.
ثمّ كاتبه ابن مروان صاحب ديار بكر ، فورد عليه ووزر له في أوّل سنة ستّ وأربعين وأربعمائة ، وذلك في آخر أيّام ابن مروان. فاستولى أبو نصر على الأمور ، ووصل إلى ما لم يصل إليه غيره بشهامته وإقدامه على صعاب الأمور ، فأقام الهيبة ، وأكثر العطاء والبذل. وكاتبه ملوك الأطراف بالشّيخ الأجلّ النّاصح كافي الدّولة. ومدحه الشّعراء ، وقصده العلماء. فلمّا مات ابن مروان سنة ثلاث وخمسين أقام ولده نصر بن أبي نصر في الإمرة ، فحاربه إخوته سعيد ، وأبو الفوارس ، واختلفوا ، فسفّر أبو نصر أمواله ، وكاتب القائم في وزارته ، وبذل له