قال : وكان ورعا تقيّا إماما في الحديث وعلله ورواته ، متحقّقا في علم التّحقيق والأصول على مذهب أصحاب الحديث ، بموافقة الكتاب والسّنّة ، فصيح العبارة ، متبحّرا في علم الأدب والعربيّة والتّرسّل. وله كتاب «الجمع بين الصّحيحين» (١) ، و «تاريخ الأندلس» ، و «جمل تاريخ الإسلام» ، وكتاب «الذّهب المسبوك في وعظ الملوك» ، وكتاب في التّرسّل (٢) ، وكتاب «مخاطبات الأصدقاء» (٣) ، وكتاب ما جاء من الآثار في حفظ الجار» ، وكتاب «ذمّ النّميمة» (٤).
وله شعر رصين في المواعظ والأمثال.
قلت : وقد جاء عن الحميدي أنّه قال : صيّرني «الشهاب» شهابا. وكان يسمع عليه كثيرا ، عن مصنّفه القضاعيّ.
وقال ابن سكّرة : كان يدلّني على المشايخ ، وكان متقلّلا من الدّنيا ، يموّنه ابن رئيس الرؤساء. ثمّ جرت لي معه قصص أوجبت انقطاعي عنه. وكان يبيت عند ابن رئيس الرؤساء كلّ ليلة.
وحدّثني أبو بكر ابن الخاضبة أنّه لم يسمعه يذكر الدّنيا قطّ (٥).
وقال أبو بكر بن طرخان : سمعت أبا عبد الله الحميديّ يقول : ثلاثة كتب من علوم الحديث يجب تقديم الهمم بها : كتاب «العلل» وأحسن كتاب وضع فيه كتاب الدّار الدّارقطنيّ ، وكتاب «المؤتلف والمختلف» وأحسن كتاب وضع فيه كتاب الأمير ابن ماكولا (٦) ، وكتاب «وفيات الشّيوخ» وليس فيه كتاب ، وقد كنت أردت أن أجمع في ذلك كتابا ، فقال لي الأمير : رتّبه على حروف المعجم ، بعد أن ترتّبه على السّنين (٧).
__________________
(١) سمّاه الدمياطيّ : «تجريد الصحيحين للبخاريّ ومسلم والجمع بينهما». (المستفاد ٣٥).
(٢) هو : «تسهيل السبيل إلى علم الترسيل» كما في : المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٣٥.
(٣) في الوافي بالوفيات ٤ / ٣١٧ : «كتاب ترسّل مخاطبات الأصدقاء».
(٤) وله أيضا : «المتشاكه في أسماء الفواكه» ، و «نوادر الأطباء» ، و «تفسير غريب ما في الصحيحين» و «بلغة المستعجل» ، و «التذكرة» ، و «الأماني الصادقة» ، و «نخبة المشتاق في ذكر صوفية العراق» ، و «وفيات الشيوخ» و «ديوان شعره» ، وله كتب أخرى تعتبر مفقودة.
(٥) الصلة ٢ / ٥٦٠.
(٦) كتاب الإكمال.
(٧) الصلة لابن بشكوال ٢ / ٥٦١ ، معجم الأدباء ١٨ / ٢٨٤.