وعن أبي رجاء الحاجّيّ قال : سمعت شيخ الإسلام عبد الله الأنصاريّ يقول : أبو عبد الله بن مندة سيّد أهل زمانه.
وقال شيخ الإسلام في بعض كتبه : أنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن محمد بن إبراهيم الأصبهانيّ أحفظ من رأيت من البشر.
وقال ابن طاهر : سمعت أبا إسماعيل الأنصاريّ يقول : كتاب أبي عيسى التّرمذيّ عندي أفيد من كتاب البخاريّ ومسلم.
قلت : لم؟
قال : لأنّ كتاب البخاريّ ومسلم لا يصل إلى الفائدة منهما إلّا من يكون من أهل المعرفة التّامّة ، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبيّنها ، فيصل إلى فائدته كلّ واحد من النّاس من الفقهاء ، والمحدّثين ، وغيرهم (١).
قال ابن السّمعانيّ : سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد الله الأنصاريّ ، فقال : إمام حافظ (٢).
وقال في ترجمته عبد الغافر بن إسماعيل (٣). كان على حظّ تامّ من معرفة العربيّة ، والحديث ، والتّواريخ ، والأنساب ، إماما كاملا في التّفسير ، حسن السّيرة في التّصوّف ، غير مشتغل بكسب ، مكتفيا بما يباسط به المريدين (٤) والأتباع من أهل مجلسه في السّنة مرّة أو مرّتين على رأس الملأ ، فيحصل على ألوف من الدّنانير ، وأعداد من الثّياب والحليّ ، فيجمعها ، ويفرّقها على القصّاب والخبّاز ، وينفق منها ، ولا يأخذ من السّلاطين ولا من أركان الدّولة شيئا. وقلّ ما يراعيهم ، ولا يدخل عليهم ، ولا يبالي بهم. فبقي عزيزا مقبولا أتمّ من الملك ، مطاع الأمر ، قريبا من ستّين سنة ، من غير مزاحمة.
__________________
(١) في الأصل : «وغيرهما» ، والمثبت عن : الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٥٩.
وانظر : تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٨٩ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥١٣.
(٢) المصدران المذكوران.
(٣) قوله ليس في (المنتخب من السياق) ، وهو في : الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٦٤ باختلاف يسير في الألفاظ.
(٤) في الأصل : «المؤيّدين» ، والمثبت عن : الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٦٤.