ودبوسيّة : بلدة بقرب سمرقند.
كان من كبار أئمّة الشّافعيّة ، متوحّدا متفرّدا في الفقه والأصول واللّغة والنّحو والنّظر والجدل. وكان حسن الخلق والخلق ، سمحا. جوادا كثير المحاسن. قدم بغداد ، وولي تدريس النّظاميّة. تفقّه عليه جماعة من البغداديّين ، ومن الغرباء.
وأملى ببغداد مجالس.
سمع : أبا عمرو بن عبد العزيز القنطريّ ، وأبا سهل أحمد بن عليّ الأبيورديّ ، وأبا مسعود أحمد بن محمد البجليّ.
روى عنه : عبد الوهّاب الأنماطيّ ، وأبو غانم مظفّر البروجرديّ ، ومحمد بن أبي نصر المسعوديّ المروزيّ ، وآخرون (١).
توفّي ببغداد في شعبان ، وهو من ذرّية الحسين الأصغر بن زين العابدين
__________________
= هذه النسبة إلى الدبوسية ، وهي بليدة من السغد بين بخارى وسمرقند. (الأنساب ٥ / ٢٧٣).
(١) طوّل ابن السمعاني في نسبه وساقه إلى الإمام علي بن أبي طالب رضياللهعنه. وقال : «كان متوحّدا في الفقه والأصول واللغة والعربية ، وولي التدريس بالمدرسة النظامية ، وكانت له يد قوية باسطة في الجدال وقمع الخصوم. وقد شوهد له مقامات في النظر ظهر فيها غزارة فضله.
وكان عفيفا كريما جوادا». (الأنساب ٥ / ٢٧٥).
وقال ابن النجار : كان من أئمة الفقهاء ، كامل المعرفة بالفقه والأصول ، وله يد قوية في الأدب وباع ممتد في المناظرة ومعرفة الخلاف. وكان موصوفا بالكرم والعفاف وحسن الخلق والخلق. قدم بغداد في جمادى الأولى سنة تسع وسبعين وأربعمائة للتدريس بالمدرسة النظامية ، فدرّس بها يوم الأحد مستهل جمادى الآخرة من السنة ، ولم يزل على التدريس إلى حين وفاته.
وقال ابن السمعاني : سمعت من أثق به يقول تكلم الدبوسي مع أبي المعالي الجويني بنيسابور في مسألة فآذاه أصحاب أبي المعالي حتى خرجوا إلى المخاشنة ، فاحتمل الدبوسي وما قابلهم بشيء ، وخرج إلى أصبهان فاتفق خروج أبي المعالي إليها في إثره في مهمّ يرفعه إلى نظام الملك ، فجرى بينهما مسألة بحضرة الوزير فظهر كلام الدبوسي عليه ، فقال له : أين كلابك الضارية؟
وقال السبكي : وكان قد انتهت إليه رئاسة الشافعية مع التفنّن في أصناف العلوم وحسن المعتقد.
وقال عبد الرحمن بن الحسن بن علي الشرابي : أنشدنا أبو القاسم الدبوسي لنفسه :
أقول بنصح يا ابن دنياك لا تنم |
|
عن الخير ما دامت فإنك عادم |
وإن الّذي لم يصنع العرف في غنى |
|
إذا ما علاه الفقر لا شك نادم |
فقدّم صنيعا عند يسرك واغتنم |
|
فأنت عليه عند عسرك قادم |
(طبقات الشافعية الكبرى ٤ / ٦ ، ٧).