عند الله اشفع لي عند الله؟
الجواب هو : أنّ هذا الموضوعَ كان محلَّ اتفاقٍ وإجماعٍ بين جميع المسلمين إلى القرن الثامن ، ولم ينكرْه إلّا أشخاصٌ معدودُون من منتصف القرنِ الثامن ، حيث خالَفوا طلبَ الشفاعة من الشفعاء المأذون لهم ، ولَم يجوّزوه في حين أنّ الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة المعتبرة ، وسيرة المسلمين المستمرة تشهَدُ جميعُها بجوازه ، وذلك لأنَّ الشفاعة هو دُعاؤهم للأشخاص ومن الواضح أن طلبَ الدعاء من المؤمن العاديّ (فضلاً عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم) أمرٌ جائز ومستحسَن ، بلا ريب.
ولقد رَوى ابنُ عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يُستفاد منه بوضوحٍ بأنّ شفاعة المؤمن هو دعاؤه في حق الآخرين فقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما مِن رَجُلٍ مُسْلِم يَموتُ فَيَقومُ على جَنازَتِهِ أربَعون رَجُلاً لا يُشركُونَ بالله شيئاً إلّا شفَّعهُم اللهُ فِيه» (١).
ومِنَ البديهيّ والواضح أنّ شفاعة أربعين مؤمن عند الصلاة على الميّت ليس سوى دعاؤهم لذلك الميت.
ولو تَصَفَّحْنا التاريخَ الإسلاميَّ لوَجَدنا أنّ الصّحابة كانوا يطلبون الشفاعة من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فها هو الترمذيّ يروي عن أنَس بن مالك أنّه قال : سألتُ النبيَّ أنْ يَشْفَعَ لي يومَ القِيامة فقال : أنا فاعل.
__________________
(١). صحيح مسلم : ٣ / ٥٤.