قلتُ : فأَينَ أطلبُك؟
فقالَ : عَلى الصّرِاطِ (١).
ومع الأخذ بِنَظَر الاعتبار أن حقيقة الاستشفاع ليست سوى طلب الدعاءِ من الشفيع ، يمكن الإشارةُ إلى نماذج مِن هذا الأمر في القرآن الكريم نفسِه :
١. طلبَ أبناءُ يعقوب من أبيهِم أن يستغفرَ لهم ، وقد وَعَدَهم بذلك ووفى بوعده ، يقول تعالى : (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ* قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) (٢).
٢. يَقولُ القرآنُ الكريمُ : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٣).
٣. يقولُ في شأن المنافقين : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (٤).
فإذا كانَ الإعراضُ عن طَلَب الاستغفار من النَّبيّ ـ الذي يَتّحد في حقيقته مع الاستشفاع ـ علامةَ النِّفاق ، والاستكبار ، فإنّ الإتيان بهذا الطَّلَب وممارسته يُعدّ بلا شكّ علامةُ الإيمانِ.
__________________
(١). صحيح الترمذي : ٤ / ٤٢ ، باب ما جاء في شأن الصراط.
(٢). يوسف / ٩٧ ـ ٩٨.
(٣). النساء / ٦٤.
(٤). المنافقون / ٥.