الشرعَ. وما كان له أصلٌ يدل عليه الشرع فليس بِبِدعة» (١).
فإذا كان العملُ الذي نَسَبْناه إلى الشرع يستندُ إلى دَليلٍ خاصّ ، أو ضابطةٍ كليّةٍ في الشرع لم يكن بدعةً حتماً.
والصورةُ الأُولى (أيْ وجود الدليل الخاص) لا يحتاج إلى بيانٍ.
إنّما المهم هو القِسم الثاني لأنّه ربَّ عَمَلٍ كانَ في ظاهرهِ عَملاً مبتدَعاً جديداً ومبتكراً ، ولم تكن له سابقةٌ في الإسلام ، ولكنّه في معناه وحقيقتهِ يدخُلُ تحت ضابطةٍ أقرَّها الشرعُ الإسلاميُّ بصورةٍ كليّةٍ.
ولِلمثال : يمكن الإشارة إلى التجنيدِ الإجباريّ العامّ المتداوَلِ اليوم في أكثر بُلدانِ العالم.
فإنَّ دعوةَ الشباب إلى خدمة العَلَم كوظيفةٍ دينيةٍ ، وإن كانت في ظاهرها عَمَلاً مبتكراً ومبتدعاً إلّا أنّها حيث تنخرطُ تحت أصلٍ أو قاعدةٍ دينيّة لا تُعدّ بِدعة ، وذلك لأنّ القرآنَ الكريمَ يقول :
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (٢).
ومن البديهيّ أنّ التربية العَسكرِيّة العامة للشباب ـ تُعدُّ في ظلّ التحوُّلات والتَطَوّرات والأجواء العالميّة ـ سبباً للتهَيّؤ الأكثر في مقابلِ العدوّ المتربّص ، والعملُ بروح الآية المذكورة في عصرنا الراهنِ يقتضي هذا الأمر.
__________________
(١). فتح الباري : ٥ / ١٥٦ ، و ١٧ / ٩.
(٢). الأنفال / ٦٠.