وَيقولُ في آية أُخرى :
(لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (١).
إنّ المفَسّرِين المسلمين يَتّفقون ـ عند ذِكرِ وتفسيرِ هاتين الآيَتين ـ على أنّ أصل «التقيّة» أصلٌ مشروع.
ومن طالَعَ ـ ولو على عَجَل ـ ما جاء في التفسير والفقه الإسلاميّ في هذا المجال عَرفَ بوضوحٍ أن أصلَ «التقيّة» من الأُصول الإسلاميّة ، ولا يمكن تجاهلُ الآيتين المذكورَتين أعلاه ، ولا عَمَل مؤمنِ آل فرعَون في كتمان إيمانِه (٢) وإنكار «التقيّة» بالمرَّة.
والجَدير بالذّكر أنّ آياتِ «التقيّة» وإن وَرَدَت في مجال التقيّة من الكافر إلّا أنّ الملاكَ (وهو حِفظ نفسِ المسلم ومالهِ وعرضهِ في الظروف الحسّاسة والخطيرة) لا يختصُّ بالكفار ، فَلَو استوجَبَ إظهار الشخص لعقيدته ، أو العَمَل وفقها عندَ المسلمين ، خوفَ ذلك الشخص على نفسهِ أو مالهِ أو عرضهِ أي احتَملَ بقوة تعرّضها للخَطَر من جانبِ المسلمين ، جرى في المقام حكمُ «التقيّة» أي جاز له التقيّة من المسلمين كما جاز له التقيّة من الكفار ، وذلِكَ لوحدة العلّة والمِلاك ، وتحقّق الأمر الموجب للتقيّة.
__________________
(١). آل عمران / ٢٨.
(٢). لاحظ غافر / ٢٨.