ونركّز في هذا الأصل على التدبير في المجال التكويني.
إنّ تاريخ الأنبياء يشهد بأن مسألة التوحيد في الخالقية لم تكن قط موضع نقاش في أُممهم وأقوامهم ، وانما كان الشرك ـ لو كان ـ في تدبير الكون وإدارة العالم الطبيعي الذي كان يتبعه الشرك في العبادة.
فمشركو عصر النبي إبراهيم الخليل عليهالسلام كانوا يعتقدون بوحدة خالق الكون ، إلّا أنّهم كانوا يعتقدون خطأً بأنّ النجوم والكواكب هي الأرباب والمدبّرات لهذا الكون ، وقد تركّزت مناظرة إبراهيم لهم على هذه المسألة كما يتضح ذلك من بيان القرآن الكريم (١).
وكذا في عهد النبي يوسف عليهالسلام الذي كان يعيش بعد النبي إبراهيم الخليل عليهالسلام فإنّ الشرك كان في مسألة الربوبية ، وكأنَّ الله بعد أن خلقَ الكون ، فوّض أمر تدبيره وإدارته إلى الآخرين.
ويتّضح هذا جلياً من الحوار الذي دار بين يوسف الصدِّيق عليهالسلام وأصحابه في السجن إذ يقول : (أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (٢).
كما ويُستفاد من آيات القرآن الكريم أن مشركي عصر الرسالة كانوا يعتقدون بأنّ بعض مصيرهم إنّما هو بأيدي معبوداتهم إذ يقول : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) (٣).
ويقول أيضاً : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ* لا
__________________
(١). راجع الأنعام / ٧٦ ـ ٧٨.
(٢). يوسف / ٣٩.
(٣). مريم / ٨١.