يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ) (١).
إنّ القرآنَ الكريم يحذّر المشركين في آياتٍ عديدة بأنّ ما يعبدونه من الأَرباب المختلفَة غير قادرةٍ على جلب نفعٍ إلى عابِدِيها ولا دفعِ ضررٍ عنهم أبداً.
إنّ هذه الآيات تكشف عن أنّ مشركي عصر الرسالة المحمدية كانوا يعتقدون بأنّ تلكَ المعبودات تضرّ أو تنفع عُبّادها. (٢) وهذا هو كان الدافع لهم إلى عِبادتها.
إنّ هذه الآيات ونظائرَها ممّا يعكس ويصوّر عقائد المشركين في عصر الرسالة ، تحكي عن أنّه رغم أنّهم كانوا يعتقدون بالتوحيد في الخالقية ، إلّا أنّهم كانوا مشركين في بعض الأُمور المتعلّقة بربوبيّة الحق تعالى ، إذ كانوا يعتقدون بأنّ معبوداتهم مؤثرة ـ على نحو الاستقلال ـ في الأُمور والأشياء ، أي إنَّها فاعِلة في صفحة الكون من دون إذنِ الله ومشيئته بل بصورة مستقلّةٍ وحسب مشيئتها وإرادتها لا غير ، وهي من صفات الربِّ الحقيقي.
ولقد عَمَدَ القرآنُ الكريمُ ـ بهدف منع أُولئك المشركين عن عبادة الأصنام بصورة جذرية ـ إلى إبطال هذا الاعتقاد الفاسد وهذا التصوّر الخاطئ ، وقال بأنّ هذه الأصنام لا تضرّ ولا تنفع ولا مثقال ذرة ، فليس لهم أيّ تدبير وربوبيّة.
__________________
(١). يس / ٧٤ ـ ٧٥.
(٢). راجع : يونس / ١٨ ، والفرقان / ٥٥.