ففي بعض الآيات يندّد القرآنُ بالمشركين لكونهم يتّخذون لله تعالى نظيراً وندّاً ، وشبيهاً ومثيلاً ، إذ يقول : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) (١).
وقد ورد تقبيح اتّخاذ الندّ للهِ في آيات قرآنية أُخرى أيضا (٢). ويتضح من الآيات المذكورة أنّ المشركين كانوا يعتقدون بأنّ لتلك الأصنام شئوناً مثل شئون اللهِ سبحانه ، ثمّ انطلاقاً من هذا التصوّر كانوا يحبّون تلك الأصنام ويودّونها بل ويعبدونها!!
وبعبارة أُخرى : لقد كان المشركون يعبدون تلك الأوثان والأصنام لكونها ـ حسب تصوّرهم وزعمهم ـ «أنداداً» و «نظراء» لله سبحانَه في التدبير.
إنّ القرآن الكريم ينقل عن المشركين يومَ القيامة بأنّهم يقولون تنديداً بأَنفسهم وبأَصنامهم : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٣)
أجل إنّ دائرةَ ربوبية الله واسعة ، ومن أجل هذا كان مشركو عصر الرسالة موحّدين في أُمور هامّة. كالرزق والإحياء والإماتة والتدبير الكلي للكون كما يقول القرآن الكريم : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ).(٤)
__________________
(١). البقرة / ١٦٥.
(٢). راجع : البقرة / ٢١ ، إبراهيم / ٣٠ ، سبأ / ٣٣ ، الزمر / ٨ ، فصلت / ٩.
(٣). الشعراء ٩٧ ـ ٩٨.
(٤). يونس / ٣١.
(٥). المؤمنون / ٨٤ ـ ٨٧.