(قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ* قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) (١).
وَلكنَّ هؤلاء الأفراد أنفسَهم ـ كما مرّ في آيات سورة مريم وسورة يس ينسبون بعض الأُمور والشئون مثل النَّصر في القتال والحفْظ في السَفَر ، وَما شابهَ ذلك ، إلى مَعْبُوداتهم وأصنامِهمْ ويَعْتَقدون بتأثيرها الذاتيّ والمُستقلِّ في مصائرهم.
وأبْرزُ من كل ذلك ؛ الشفاعةُ التي كانوا يرون أنّها حقّ طلْقٌ لتلك الأصنام وكانوا يَعتقدون بأنّها تشفع من غير إذن الله ، وأنّ شفاعَتها مفيدةٌ لا مَحالة ومؤثّرة قطعاً وجزماً.
وعلى هذا فلا منافاة بين أن يكون بعض الأفراد يعتقدون بتدبير اللهِ لبعض الأُمور دون سواه فيكونون موحّدين في هذا المجال ، بينما يعتقدون بتدبير الأصنام والأوثان لأُمور وجوانب أُخرى من مصائرهم وشئونهم كالشفاعة والإضرار والإنفاع والإعزاز والمغفرة ، فيكونون مشركين في هذه المجالات.
وَلكنّ «التوحيد في الربوبية» يفنّد كلَّ لونٍ من ألوان تصوّر الاستقلال ، والتأثير المستقل عن الإذن الإلهيّ كليّاً كان ، أو جزئياً.
فهو يُبطل أي إسنادٍ ، لتأثير غير الله في مصير الإنسان والكون ، وتدبير شئونها بمعزلٍ عن الإذن الإلهيّ وبهذا يُبطل ويرفُضُ عبادةَ غير اللهِ تعالى.
__________________
(١). المؤمنون / ٨٤ ـ ٨٧.