أصالة ، وتجذّراً في الحياة والتاريخ.
فالحياةُ البشريّةُ ـ بشهادةِ الوثائقِ التاريخيّة القطعيّة ـ لم تخلُ قطّ في أيّ فترة من فتراتها ، من التوجُّه إلى الدّين ، ومن الإحساس الديني.
والعصرُ الحاضرُ (عَصر التكنولوجيا والتقدّم الماديّ) وبخاصّةٍ الإنسان الغربيّ الذي كان مرتبطاً أكثرَ من الآخرين بهذا التقدّم ومعطياته وإن شهد نوعاً من النكوص ، والابتعاد عن الدين ، وعن القضايا المعنويّة ظَنّاً بأنّ المنهجَ الماديَّ كفيلٌ بحلِّ جميع المشكلات البشرية ، إلّا أنّه سرعان ما رجَعَ عن ذلك التصوّر ، وأدرَكَ أنّ العلمَ الماديّ الّذي تصوّرَ أنّه قادرٌ على تحقيق أمانيّ البَشريّة في العَدل والحريّة والسّلام ، ليس بمفردِهِ قادراً على مَنح السعادة للبشريّة بل لا بدّ أن يكون في جنبه الإحساسُ الدينيّ والقضايا المعنوية ، وإلّا انهار تماسُكُ المجتمعِ البشريِّ ، وتفتَّتَتِ الروابطُ والعلاقاتُ الاجتماعيةُ وتفسّختِ العائلةُ.
وهكذا أصبحت البشريةُ تعودُ مرةً أُخرى إلى فطرتها ، وتُقبلُ على الدين ومفاهيمه ومعارفه ، وحُلولِه.