د : الإرادةُ والاختيار
إنَّ الفاعلَ الواعي لفعله أكملُ من الفاعِلِ غير الواعي لفعله ، كما أنّ الفاعلَ المريدَ لفعلِهِ المختار فيه (وهو الّذي إذا أراد أن يفعلَ فَعَل ، وإذا لم يُردْ أن يفعَلَ لم يفعل) أكمل من الفاعل المضطرّ المجبور ، أي الذي ليس أمامَه إلّا أحد أمرين : إمّا الفعل وإمّا الترك.
وبالنظر إلى ما قلناه ، وكذلك نظراً إلى أنّ الله أكملُ الفاعلين في صفحة الوُجود ، فإنَّ من البديهي أن نقول إنَّ اللهَ فاعلٌ مختارٌ ، وليس تعالى بمجبورٍ من جانب غيرهِ ، ولا بمضطرٍ من ناحية ذاته.
والمقصود من قولنا : إن اللهَ مريدٌ ، هو أنّه تعالى مختارٌ وليس بمجبورٍ ولا مضطَرّ.
إنّ الإرادة ـ بمعناها المعروف في الإنسان والذي هو أمر تدريجي وحادث ـ لا مكان لها في الذات الإِلهيّة المقدسة.
من أجل هذا وُصِفت الإرادة الإلهيّة في أحاديث أهل البيت عليهمالسلام بأنّها نفسُ إيجاد الفعل وعينُ تحقّقه ، مَنعاً من وقوع الأَشخاص في الانحراف والخطأ في تفسير هذه الصفة الإلهيّة وتوضيحها.
قال الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام : «الإرادة من الخَلق : الضميرُ وما يَبْدُو لهم بعدَ ذلك من الفِعْل. وأمّا مِنَ الله تعالى فإرادتُهُ : إحداثُه لا غير ، ذلك لأنَّه لا يُرَوّي ولا يَهِمُّ ولا يَتَفَكَّرُ ، وهذهِ الصّفاتُ مَنْفيّةٌ عَنْهُ وَهيَ صِفاتُ الخَلْقِ.