وهذه الظاهرةُ وإن كانت تُخيفُ بعضَ الزعماء الماديّين ، حيث يتصوّرون أنّ عودة البشرية إلى الدين والتديُّن ، يُعَدُّ تهدِيداً للكيانِ السياسيّ والماديّ ولكنّنا نتفاءَلُ بها ، وبالتالي فنحن جدُّ مسرورين بعودة البشرية إلى أحضانِ الدين الدافِئة ، وشواطِئِه الآمنةِ ، غير أَنّنا إلى جانب ذلك التفاؤلِ والاستبشار ، وهذا الابتهاج والسُّرور ، لا يمكن أن نتجاهلَ نقطةً مهمّةً تدعو للقلق وهي أنّ هذا التعطُّشَ المتزايد والمتصاعِدَ ، إنْ لم يُرو بصورةٍ صحيحةٍ وسليمة ، وسُمِحَ للأفكار غير الصحيحة بأن تُعرَضَ تحت عنوان الدين ، لم يجد الإنسانُ المعاصرُ (والإنسانُ الغربي منه بالذات) ضالَّتَه المنشودة بل يكون مثله مثل المستجير من الرمضاءِ بالنّار ، وربّما آلَ به الأمرُ ـ لو حدثَ هذا ـ إلى أن يُعرِضَ عنِ الدّينِ ، وينأى عن التديّنِ.
ولهذا فإنَّ على الكُتّابِ الملتزِمين الواعين ، وعلماءِ الدّينِ المخلصين الّذين لَمَسُوا الداءَ ، وعَرِفوا الدواءَ ، وأدرَكوا الحاجة ، وعَلمِوا بالعِلاج ، أنْ يُبادِروا إلى تقديمِ الاجابة الصحيحة للجموعِ البشَرية المقبِلة على الدّين ، والعائدةِ إلى فطرتِها ، ويقُوموا بِعَرض المفاهيم والحُلُول الدينيّة بالشَّكل اللائِقِ ، والصُّورةِ السّلِيمة ، وَيُسَهِّلُوا ـ بذلك ـ لِطُلّاب الحقيقة ،