والتوصل إلى المفهوم الحقيقي بعد ملاحظة مجموعة تلك الآيات.
وفي مسألة الرؤية لو لاحظنا كلّ الآيات المتعلّقة بها في القرآن الكريم ، بالإضافةِ إلى الأحاديثِ الشريفةِ في هذا المجال لاتّضحَ عدمُ إمكان رؤية الله تعالى في نظر الإسلام من دون غموضٍ.
وفي خاتمة المطاف تفسّر الرؤية الواردة في قصة موسى عليهالسلام مع أصحابه ، انّ موسى عليهالسلام اختار من قومه سبعين رجلاً لميقات ربه لكي يشاهدوا نزول التوراة ، فلمّا بلغوا الميقات اقترحوا عليه ان يريهم الله سبحانه ، يقول تعالى :
(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) (١) ، وقال سبحانه : (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) (٢) فلما أفاقوا بدعاء من نبيهم موسى عليهالسلام اقترحوا عليه شيئاً آخر ، فقالوا : إنك تسمع كلام الله وتصفه لنا أدع ربك حتّى يريك نفسه فتنقله إلينا فأصرّوا وألَحّوا في ذلك ، فطلب موسى عليهالسلام بضغط وإِلحاح من قومه ان يريه الله ذاته مع علمه بامتناع رؤيته ، وقال : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) فوافاه الجواب : (قالَ لَنْ تَرانِي) (٣).
فتبيَّن من ذلك انّ طلب موسى لم يكن من تلقاء نفسه بل كان إجابة لإِلحاح قومه المعروفين باللجاج والإصرار.
__________________
(١). البقرة / ٥٥.
(٢). النساء / ١٥٣.
(٣). الأعراف / ١٤٣.