اللهِ بصنع سفينة وإعدادها.
وحيث إنّ صنعَ تلك السفينة كان في مكان بعيدٍ عن البحر ، لذلك استهزأ قومُه به ، وسخر به الجهلة منهم ، وآذَوه.
ولذا في مثل هذه الظروف قال له الله تعالى : اصنع أنتَ السفينة ولا تُبالي ، فأنتَ تفعل ذلك تحت إشرافنا ، وهو أمرٌ قد أوحينا نحن به إليك.
فالمقصود من قوله (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) هو ان نوحاً قامَ بما قام من صُنْع السفينة حسب أمر الله له ، ولهذا فانّ الله سيحفظه ويكلؤه برعايته ، ويحميه ، ولن يَصل إليه من المستهزئين شيءٌ إذ هو في رعاية الله ، ويعمل تحت عنايته.
د : إنّ العَرشَ في اللغة العربية بمعنى السرير ، ولفظ «الاستواء» إذا جاء مع لفظة «على» كان المعنى هو الاستقرار والاستيلاء.
وحيث إنّ الملوك والأُمراء بعد أن جلسوا على منصة العرش يعمدون إلى تدبير الأُمور ، وتسييرها في بلادهم ، لهذا كان هذا النوعُ من التعبير (أعني : الاستواء على العرش) كناية عن الاستيلاء ، والسيادة ، والقدرة على تدبير الأُمور ، خاصة إذا نُسِبَ ذلك إلى الله سبحانه.
هذا مضافاً إلى أنّ الأدِلّة العَقلية والنقلية أثبتت تنزّه الحق تعالى عن المكان.
وممّا يشهد بأنّ الهدف من هذا النمط من التعابير ، ليس هو الجلوسُ على السّرير الماديّ ، بل هو كناية عن تدبير أُمور العالم أمران :