أنبيائهم مساجد» انتهى كلام ابن رشد.
وانظر كيف جعل عليه أن يأتيه للوداع ، وبطريق الأولى السلام ، وإنّما كراهة الإكثار لما ذكره ، وأصل الاستحباب متّفق عليه.
[مناظرة الإمام مالك وأبي جعفر المنصور]
وقد روى القاضي عياض في «الشفاء» (١) قال : حدثنا القاضي أبو عبد الله محمّد ابن عبد الرحمن الأشعريّ ، وأبو القاسم أحمد بن بقيّ [الحاكم] ، وغير واحد فيما أجازوا به (٢) ، قالوا : حدثنا أحمد بن عمر بن دلهاث ، حدثنا عليّ بن فهر ، حدثنا محمّد بن أحمد ابن الفرج ، حدثنا عبد الله بن المنتاب ، حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل ، حدثنا ابن حميد قال :
ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال له مالك : يا أمير المؤمنين ، لا ترفع صوتك في هذا المسجد ؛ فإنّ الله تعالى أدّب قوماً فقال : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ...) الآية ، ومدح قوماً : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ...) الآية ، وذمَّ قوماً ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ ...) الآية ، وإنّ حرمته ميّتاً كحرمته حيّاً.
فاستكان لها أبو جعفر وقال : يا أبا عبد الله ، أستقبل القبلة وأدعو ، أم أستقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
__________________
(١) الشفاء للقاضي عياض (٢ / ٢٠١ ـ ٢٠٦) فصل ٩.
ونقلها في الصارم (٢٦٣) عن اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ص ٣٩٣ ـ ٣٩٤ ، وقد حاول تضعيفها والحكم بأنها مغيّرة! وببطلان ذيلها!!!
وهكذا يُحاول فيما لا يوافق هواه!
(٢) في الصارم (٢٥٩) : أجازوا فيه.