[وأمّا الإجماع] (١)
وأمّا الإجماع : فقد حكاه القاضي عياض ؛ على ما سبق في الباب الرابع (٢).
وأعلم : أنّ العلماء مجمعون على أنّه يستحبّ للرجال زيارة القبور ، بل قال بعض الظاهريّة بوجوبها ؛ للحديث المذكور.
وممّن حكى إجماع المسلمين على الاستحباب أبو زكريّا النوويّ.
وقد رأيت في «مصنّف ابن أبي شيبة» (٣) عن الشعبيّ قال : لو لا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن زيارة القبور ، لزرت قبر بنتي.
وهذا إن صحّ ، يحمل على أنّ الشعبي لم يبلغه الناسخ ، مع أنّ الشعبيّ لم يصرّح بقول له ، ومثل هذا لا يقدح.
وكذلك رأيت فيه : عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون زيارة القبور (٤).
وهذا لم يثبت عندنا ، ولم يبيّن إبراهيم الكراهة عمّن؟ ولا كيف هي؟ فقد تكون محمولة على نوع من الزيارة مكروهة.
__________________
(١) لم يتمكّن المتعصّب العنيد من دفع الإجماع على مشروعية الزيارة ، وقول علماء الإسلام بها ، إلّا بقوله في الصارم المنكي (ص ٣٣٠) : إن الإجماع المذكور في هذه المسألة غير محقّق ، وإن كان قول من خالف الجمهور ضعيفاً!! وشيخ الإسلام (؟!) لم يذهب إلى هذا القول المخالف لقول الجمهور ، وإنّما حكاه غيره.
أقول : ومن المعلوم أن مخالفة الضعيف لا يؤثر في الإجماع وتحقّقه ، وإلّا كان كل قول واحتمال ، ممّن هبّ ودبّ ، مؤثّراً في نقض الإجماع ، فلم ينعقد إجماع على شيء!!
(٢) سبق ص ١٥٥.
(٣) المصنف لابن أبي شيبة (٣ / ٢٢٦) كتاب الجنائز (٩) الباب (١٤٦) من كره زيارة القبور ح (١١).
(٤) المصنف لابن أبي شيبة (الموضع والباب) ح (٩).