الحديث صحيحاً إن شاء الله تعالى.
وقد اعتمد جماعة من الأئمّة على هذا الحديث في مسألة الزيارة ، وصدّر به أبو بكر البيهقيّ «باب زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، وهو اعتماد صحيح ، واستدلال مستقيم ؛ لأنّ الزائر المسلّم على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يحصل له فضيلة ردّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم السلام عليه ، وهي رتبة شريفة ، ومنقبة عظيمة ، ينبغي التعرّض لها ، والحرص عليها ؛ لينال بركة سلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فإن قيل : ليس في الحديث تخصيص بالزائر ، فقد يكون هذا حاصلاً لكل مسلّمٍ ؛ قريباً كان أو بعيداً ، وحينئذٍ تحصل هذه الفضيلة بالسلام من غير زيارة ، والحديث عامّ.
قلت : قد ذكره ابن قدامة من رواية أحمد (١) ، ولفظه : «ما من أحد يسلّم عليّ عند قبري» وهذه زيادة مقتضاها التخصيص.
فإنّ ثبت فذاك ، وإن لم يثبت فلا شكّ أنّ القريب من القبر يحصل له ذلك ؛ لأنّه في منزلة المسلّم بالتحيّة التي تستدعي الردّ ، كما في حال الحياة ، فهو بحضوره عند القبر قاطع بنيل هذه الدرجة على مقتضى الحديث ، متعرّض لخطاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم له بردّ السلام عليه ، وفي المواجهة بالخطاب فضيلة زائدة على الردّ على الغائب.
[أنواع السلام على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم]
واعلم : أنّ السلام على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على نوعين :
أحدهما : المقصود به الدعاء (٢) ، كقولنا : «صلىاللهعليهوسلم» فهذا دعاء منّا
__________________
(١) المغني لابن قدامة (٣ / ٥٨٨).
(٢) سيذكر المؤلّف في (خاتمة) هذا الكتاب ألفاظ «الصلاة» على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الواردة في النصوص الحديثية ، فراجع.