وابن السكن هذا إمام حافظ ثقة ، كثير الحديث ، واسع الرحلة ، سمع بالعراق والشام ومصر وخراسان وما وراء النهر من خلائق ، وهو بغداديّ سكن مصر ، ومات بها في النصف من المحرّم سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.
[دلالة الحديث]
وتبويب ابن السكن يدلّ على أنّه فهم منه أنّ المراد بعد الموت ، أو أنّ ما بعد الموت داخل في العموم ، وهو صحيح (١).
الحديث الرابع : «من حجّ فزار قبري بعد وفاتي فكأنّما زارني
في حياتي»
رواه الدارقطنيّ في سننه وغيرها ، ورواه غيره أيضاً :
__________________
والسفر إليها.
وأما التفرقة بينها بجعل بعضها لمطلق الزيارة بلا قبر ، وبعضها للقبر بلا إعمال ، فهو عمل البُلداء ممّن لا يعرفون الحديث ولا فقهه!
ثمّ إن من خبط ابن عبد الهادي وتمويهه تعرّضه لأحاديث اخرى عن ابن عمر في سكنى المدينة والموت بها.
فهل ثبوت هذه الأحاديث مهما صحّت وكثرت ، فيها أدنى دلالة على نفي أحاديث الزيارة؟! حتى يطوّل فيها بلا طائل ، مع أن لها دلالة من طرف آخر ، على خلاف غرضه ، حيث أنّ فيها الترغيب في سكنى المدينة ، ولا ريب أنه يستحبّ لساكنها زيارة القبر ، فتكون بالتالي دالّة على الترغيب في الزيارة ، ولو مع واسطة السكنى في المدينة ، كما سيأتي ذيل الحديث الخامس في كتابنا هذا. والتيميّة لا يُوافقون على ذلك ، فليدقّق.
(١) قال العلّامة ممدوح : عند ما رتب ابن حزم كتب السُنّة ، جعل (صحيح ابن السكن) ثالث الكتب ، بعد الصحيحين ، راجع : تذكرة الحفاظ للذهبي (٣ / ١١٥٣). كما في رفع المنارة (ص ٣٠١ ه (١)) وقال في المتن : الحافظ بن السكن صحّح هذا الطريق بمفرده ، فما بالك؟ وهذا الطريق متابع لموسى بن هلال البصري؟! فهو مقبول ، حسب القواعد.