وليس هذا المقصود هنا ، فإنّا نذكره إن شاء الله تعالى في موضع آخر (١).
وإنّما المقصود هنا أنّ الحضور عند القبر لسبب زيارة من فيه والدعاء مطلوب ، وليس ذلك من باب قصد الأمكنة ، ولا دلّ الحديث على امتناعه ، ولا قال به أحد من العلماء.
[فتاوى مُخْتَلقَة مزوّرة باسم علماء بغداد (٢)]
وقد أحضر إليّ بعض الناس صورة فتاوى منسوبة لبعض علماء بغداد في هذا الزمان ، لا أدري هل هي مختلقة من بعض الشياطين الذين لا يحسنون؟ أو هي صادرة ممّن هو متّسم بسمة العلم ، وليس من أهله؟ :
فأوّلها : فتيا مالكيّ قال فيها : قد نصّ الشيخ أبو محمّد الجويني في كتبه على تحريم السفر لزيارة القبور ، وهو اختيار القاضي الإمام عياض في إكماله (٣).
__________________
(١) يأتي.
(٢) نسب هذه الفتاوى ولفظها السلفيّ محمد بن عبد الهادي الذي انتصر لابن تيميّة ، وقد نقل نصّ فتواه ، ثمّ عقّبها بقوله : وقد وصل ما أجاب به الشيخ في هذه المسألة إلى «علماء بغداد» فقاموا في الانتصار له ، وكتبوا بموافقته ، ورأيتُ خطوطهم بذلك ، وهذه صورة ما كتبوا ، العقود الدرية (ص ٣٤٢) ونقله في مجموع فتاوى ابن تيميّة (٢٧ / ١٩٣).
ثمّ أوردها ، وهي كما عرفت بلا سَنَدٍ ولا صادرة عن اناسٍ معروفين بل كلّها أسماء نكرات ، ومنقولاتهم فيها مزيّفة وكاذبة ، واستدلالاتهم باطلة ، كما ستعرف.
ولقد أغرق ابن عبد الهادي في التعصّب لما ادّعى في (الصارم ص ١٥) أن هذه الفتاوى مشهورة! ممّا شاع خبرها وذاع واشتهر أمرها وانتشر! وهي صحيحة ثابتة ، متواترة!
ولاحظ المقارنة بين قوله (مشهورة) و (متواترة)!!
(٣) هذا النص في مجموع فتاوى ابن تيمية (١٣ / ١٩٧) وهو الجواب الثاني ، كتبه محمد بن عبد الرحمن البغدادي الخادم للطائفة المالكية بالمدرسة الشريفة المستنصرية.