وقال القاضي عياض في «الشفاء» (١) : قال بعضهم : رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فوقف فرفع يديه ، حتى ظننت أنّه افتتح الصلاة ، فسلّم على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ انصرف.
[استقبال القبر الشريف عند السلام عليه]
وفي «مسند الإمام أبي حنيفة رحمهالله» (٢) تصنيف أبي القاسم طلحة بن محمّد بن جعفر الشاهد العدل ، قال : حدثنا محمّد بن مخلّد ، حدّثني محمّد بن يعقوب بن إسحاق ابن حكيم ، حدّثني أحمد بن الخليل ، حدّثني الحسن ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا وهب ، عن أبي حنيفة قال : جاء أيّوب السختيانيّ فدنا من قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فاستدبر القبلة ، وأقبل بوجهه إلى القبر ، فبكى بكاء غير متباكٍ.
وقال إبراهيم الحربيّ في «مناسكه» : تولي ظهرك القبلة ، وتستقبل وسطه ـ يعني القبر ـ وتقول : السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته.
وقال ابن بطّال في «شرح البخاريّ» قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» ـ بعد أن حكى القولين المشهورين ـ قال : واستدلّ الثاني بقوله : «ارتعوا في رياض الجنّة» يعني حلق الذكر والعلم ، قال : ويكون معناه التحريض على زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والصلاة في مسجده ، انتهى.
ولو استوعبنا الآثار وأقاويل العلماء في ذلك ، لخرجنا إلى حدّ الطول والملل.
[كراهة مالك لفظ : الزيارة]
فإن قلت : قد كَرِهَ مالك رحمهالله أن يقال : «زرنا قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم».
__________________
(١) الشفاء للقاضي عياض (٢ / ١٩٨) فصل (٩).
(٢) مسند أبي حنيفة.