نحن فيه.
فإنّ ما ذكرناه ليس اختلافاً في حدّ الحسن ، بل هو تقسيم له ، والحديث الحسن صادق على كلّ من النوعين.
[قوّة الحديث بتضافر الإسناد]
ثمّ إنّ الأحاديث التي جمعناها في الزيارة ، بضعة عشر حديثاً ممّا فيه لفظ «الزيارة» غير ما يستدلّ به لها من أحاديث اخر ، وتظافر الأحاديث يزيدها قوّة ؛ حتّى أنّ الحسن قد يترقّى بذلك إلى درجة الصحيح.
والضعيف قسمان :
قسم يكون ضعف راويه ناشئاً من كونه متّهماً بالكذب ونحوه ، فاجتماع الأحاديث الضعيفة من هذا الجنس لا يزيدها قوّة.
وقسم يكون ضعف راويه ناشئاً من ضعف الحفظ ، مع كونه من أهل الصدق والديانة ، فإذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر ، عرفنا أنّه ممّا قد حقّقه ، ولم يختلّ فيه ضبطه له ، هكذا قاله ابن الصلاح رحمهالله وغيره (١).
فاجتماع الأحاديث الضعيفة من هذا النوع يزيدها قوّة ، وقد يترقّى بذلك إلى درجة الحسن أو الصحيح.
ولهذا لمّا تكلّم النوويّ رحمهالله في أنّ ميقات ذات عرق ، هل هو منصوص عليه ، أو مجتهد فيه؟ صحّح أنّه منصوص عليه ، وذكر عن جمهور أصحابنا تصحيحه للأحاديث الواردة فيه ، وإن كانت أسانيد مفرداتها ضعيفة ، فمجموعها يقوّي بعضه بعضاً ، ويصير الحديث حسناً ، ويحتجّ به ، هكذا ذكره في «شرح المهذّب» في
__________________
(١) علوم الحديث لابن الصلاح (ص ٣٤) في التنبيه الثاني من النوع الثاني وهو (الحسن).