[جهة القربة في زيارة القبور]
وجهة القربة فيها على أنواع :
منها : الاعتبار ، وهو مستحبّ لكلّ أحد.
ومنها : الترحّم والدعاء ، وهو مؤكّد لمن مات قريبه في غيبته ، كما فعل ابن عمر حين قدم بعد موت أخيه عاصم ، وكان ابن عمر إذا قدم وقد مات بعض ولده قال : دلّوني على قبره ، فيدلّونه عليه ، فينطلق فيقوم عليه ، ويدعو له ، رواه ابن أبي شيبة (١).
وكما فعلته عائشة حين مات أخوها عبد الرحمن ، وكان قد مات بالحُبْشيّ ـ والحُبْشيّ على اثني عشر ميلاً من مكّة ، هكذا في كتاب ابن أبي شيبة عن ابن جريج ـ فحُمِلَ حتّى دفن بمكّة ، فقدمت عائشة من المدينة ، فأتت قبره فوقفت عليه ، فتمثّلت بهذين البيتين :
وكنّا كندماني جذيمة حقبة |
|
من الدهر حتّى قيل : لن يتصدّعا |
فلمّا تفرّقنا كأنّي ومالكاً |
|
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا |
أمّا والله لو شهدتك ما زرتك ، ولو شهدتك ما دفنتك إلّا في مكانك الذي متّ فيه (٢).
وروى ابن سعد في «الطبقات» (٣) بسنده إلى ابن أبي مليكة قال : رحت من منزلي وأنا اريد منزل عائشة ، فتلقّتني على حمار ، فسألت بعض من كان معها.
قال : زارت قبر أخيها عبد الرحمن.
__________________
(١) المصنّف لابن أبي شيبة (٣ / ٢٢٤) كتاب (٩) ، الجنائز ، باب (١٤٥) ح ٩.
(٢) المصنّف لابن أبي شيبة (نفس الموضع والباب) ح (٨) باختلاف يسير.
(٣) الطبقات الكبير لابن سعد.