[حكاية العُتبيّ عن الأعرابيّ]
وحكاية الأعرابيّ المشهورة التي ذكر المصنفون في مناسكهم ، وفي بعض طرقها : أنّ الأعرابيّ ركب راحلته وانصرف ، وذلك يدلّ أنّه كان مسافراً.
والحكاية المذكورة ذكرها جماعة من الأئمة عن العتبيّ ، واسمه محمّد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان ؛ صخر بن حرب ، كان من أفصح الناس ، صاحب أخبار ورواية للآداب ، حدّث عن أبيه ، وسفيان ابن عيينة (١) توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين ، يكنّى أبا عبد الرحمن.
وذكرها ابن عساكر في تأريخه (٢) ، وابن الجوزيّ في «مثير العزم الساكن» وغيرهما بأسانيدهم إلى محمّد بن حرب الهلاليّ قال : دخلت المدينة ، فأتيت قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فزرته وجلست بحذائه ، فجاء أعرابيّ فزاره ، ثمّ قال : يا خير الرسل ، إن الله أنزل عليك كتاباً صادقاً قال فيه : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) وإنّي جئتك مستغفراً ربّك من ذنوبي ، مستشفعاً فيها بك.
وفي رواية : وقد جئتك مستغفراً من ذنبي ، مستشفعاً بك إلى ربّي.
ثمّ بكى وأنشأ يقول :
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه |
|
فطاب من طيبهنّ القاع والأكم |
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه |
|
فيه العفاف وفيه الجود والكرم |
ثمّ استغفر وانصرف فرقدت فرأيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في نومي وهو يقول : «الحق الرجل ، وبشّره أن الله قد غفر له بشفاعتي» فاستيقظت فخرجت أطلبه
__________________
(١) في (ه) : عتبة.
(٢) تاريخ ابن عساكر.