الفصل الرابع
قد عرفت مقالات الناس في سائر الموتى وفي الشهداء ، وعرفت أنّ القول فيهم بعود الروح إلى الجسد ، وبقائِها فيه إلى يوم القيامة ، بعيد مخالف للحديث الصحيح أنّها ترجع إلى جسده يوم القيامة.
وعرفت أنّ النعيم حاصل لأرواح السعداء من الشهداء وغيرهم ، والعذاب حاصل للأشقياء.
فلعلك تقول : ما الفرق حينئذٍ بين الشهداء وغيرهم؟
والجواب عن هذا من وجهين :
أحدهما : أنّ إثبات الحياة للشهداء لا ينفي ثبوتها عن غيرهم ، فالآيتان الكريمتان الواردتان بقوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ليس فيهما نفي هذا الحكم عن غيرهم ، بل الردّ على ما يعتقد أنّهم ليسوا كذلك ، ونصّ عليهم ؛ لأنّ الواقعة كانت فيهم.
الثاني : أنّ أنواع الحياة متفاوتة : حياة للأشقياء معذّبين ، أعاذنا الله تعالى