الجهل محمود على زيارته وسفره ، مذموم على جهله وبدعته (١).
وأمّا طلب الحوائج عند قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فسنذكره في باب الاستغاثة بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) :
ولنتكلّم على الشبهة الثانية والثالثة اللتين بنى ابن تيمية رحمهالله كلامه عليهما :
[مشروعية الزيارة]
أمّا الشبهة الثانية :
وهي كون هذا ليس مشروعاً ، وأنّه من البدع التي لم يستحبّها أحد من العلماء ؛ لا من الصحابة ، ولا من التابعين ومن بعدهم.
فقد قدّمنا سفر بلال من الشام إلى المدينة لقصد الزيارة.
وأنّ عمر بن عبد العزيز كان يجهّز البريد من الشام إلى المدينة للسلام على النبيّ عليه الصلاة والسلام.
وأنّ ابن عمر كان يأتي قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيسلّم عليه وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهم.
وكلّ ذلك يكذّب دعوى : أنّ الزيارة والسفر إليها بدعة.
ولو طولب ابن تيمية رحمهالله بإثبات هذا النفي العامّ ، وإقامة الدليل على صحّته ، لم يجد إليه سبيلاً.
فكيف يحلّ لذي علم أن يُقْدِمَ على هذا الأمر العظيم بمثل هذه الظنون ، التي مستنده فيها أنّه لم يبلغه ، وينكر به ما أطبق عليه جميع المسلمين شرقاً وغرباً في سائر الأعصار ؛ ممّا هو محسوس خلفاً عن سلف ، ويجعله من البدع؟!
__________________
(١) لاحظ ما ذكره الذهبي ، ونقلناه (ص ١٧٤).
(٢) سيأتي في الباب الثامن.