ثمّ الشفاعة عن إراحة العرض وكرب المحشر ، وهذا مقامه الذي حمده فيه الأوّلون والآخرون.
ثمّ شفاعته لمن لا حساب عليه من امّته.
ثمّ لمن يخرج من النار حتّى لا يبقى فيها من في قلبه مثقال ذرّة من إيمان.
ثمّ يتفضّل الله تعالى بإخراج من قال : «لا إله إلّا الله» ومن لم يشرك بالله شيئاً ولا يبقى في النار إلّا المخلّدون.
وهذا آخر عرصات القيامة ومثاقل الحشر ، فهو في جميعها له المقام المحمود بيده فيها لواء الحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فصل [دعوة الرسول هي الشفاعة]
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اعطيت خمساً لم يعطهنّ أحد من الأنبياء قبلي ...» وذكر من جملتها : «اعطيت الشفاعة» مع قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لكلّ نبيّ دعوة مستجابة ، وإنّي اختبأت دعوتي شفاعةً لُامّتي يوم القيامة» (١).
يستفاد منه أنّ الشفاعة التي اعطيها وخصّ بها عن الأنبياء ، غير الشفاعة التي ادّخرها لُامّته ؛ لأنّها دعوة شاركوه في جنسها ، والاولى هي العظمى ، وهي إمّا الشفاعة في فصل القضاء ، أو العموم ؛ بالتقرير الذي سبق ، وأنّه صاحب الشفاعة ، وكلّ الشفعاء داخلون في شفاعته ، والثانية هي الشفاعة في إخراج المذنبين من النار ، كما يشير إليه قوله : «أترونها للمؤمنين المتّقين؟! لا ، ولكنّها للمذنبين المتلوّثين الخطّائين» (٢).
__________________
(١) مسند أحمد (٢ / ٢٧٥).
(٢) سنن ابن ماجة (٢ / ١٤٤١) ، ومجمع الزوائد (١٠ / ٣٧٨) عن أحمد والطبراني.