ففيه إشارة إلى أنّ الذي يتوجّه إلى الأنبياء ويخاطبهم بسؤال الشفاعة ؛ هم المؤمنون وإن كان الغمّ والكرب قد عمّ جميع الناس من الكفّار ، والمؤمنين ؛ الأوّلين ، والآخرين ، واختصاص المؤمنين بسؤال الأنبياء مناسب لأمرين :
أحدهما : ما لهم من الصلة بهم بالإيمان.
والثاني : أنّه يحصل لهم بإراحتهم من ذلك المكان خير ، والكفّار ينتقلون إلى ما هو أشدّ عليهم.
فهذه الشفاعة العظمى وإن ترتّب عليها فصل القضاء لعموم الناس ، فليس الكفّار مقصودين بها ، قال تعالى : (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ).
وقال تعالى حكاية عنهم : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ).
وقد قيل : إنّ جميع الناس يُسألون ؛ مؤمنهم ، وكافرهم.
فصل] التوسّل بالأنبياء [
وفي التجاء الناس إلى الأنبياء في ذلك اليوم ، أدلّ دليل على التوسّل بهم في الدنيا والآخرة ، وأنّ كلّ مذنب يتوسّل إلى الله عزوجل بمن هو أقرب إليه منه.
وهذا لم ينكره أحد ، وقد قدّمنا طرفاً من ذلك في باب الاستغاثة ، ولا فرق بين أن يسمّى ذلك «تشفّعاً» أو «توسّلاً» أو «استغاثة».
وليس ذلك من باب تقرّب المشركين إلى الله تعالى بعبادة غيره ، فإنّ ذلك كفر ، والمسلمون إذا توسّلوا بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بغيره من الأنبياء والصالحين ، لم يعبدوهم ، ولا أخرجهم ذلك عن توحيدهم لله تعالى ؛ وأنّه هو المتفرّد بالنفع والضرر ، وإذا جاز ذلك جاز قول القائل : «أسأل الله تعالى برسوله» لأنّه سائل الله تعالى ، لا لغيره.