وقولِه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أتاني آتٍ من عند ربّي عزوجل ، فخيّرني بين أن يدخل الجنّة نصف امّتي ، أو بين الشفاعة ، فاخترت الشفاعة ، وهي لمن مات لا يشرك بالله شيئاً» رواه الترمذيّ (١).
وقولِه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خيّرت بين الشفاعة ، وبين أن يدخل نصف امّتي الجنّة ، فاخترت الشفاعة ، لأنّها أعمّ وأكثر ، ترونها للمؤمنين المتقين؟! لا ، ولكنّها للمذنبين الخطّائين المتلوّثين» رواه ابن ماجة (٢).
فهذه العمومات كلّها متظافرة على عموم شفاعته لكلّ الامّة ، وكذلك قوله بين يدي الله تعالى يوم القيامة : «امّتي ، امّتي» وهي دعوة يتحقّق استجابتها.
وقد قال العلماء في قوله : «لكلّ نبيّ دعوة مستجابة» : إنّه على يقين من إجابتها ، وباقي دعواته يرجوها ، فقد ظهر بهذا اختصاصه صلىاللهعليهوآلهوسلم بعموم هذه الشفاعة لكلّ امّته.
الشفاعة الخامسة : في زيادة الدرجات في الجنّة لأهلها
ذكرها القاضي عياض وغيره ، ولا ينكرها المعتزلة أيضاً ، ولم أجد في الأحاديث تصريحاً بها.
لكن عبد الجليل القصريّ في كتاب «شعب الإيمان» له ، ذكر في تفسير الوسيلة التي اختصّ بها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّها التوسّل ، وأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يكون في الجنّة بمنزلة الوزير من الملك ـ بغير تمثيل ـ لا يصل إلى أحد شيء إلّا بواسطته صلىاللهعليهوآلهوسلم وإذا كان كذلك فهذه أيضاً خاصّة به.
هذا تفصيل الشفاعات الخمس ، ومن تأمّلها وعرف عموم شفاعة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لها ، واختصاصه بما اختصّ منها ، وأمعن النظر في ذلك ، عرف عليَّ قدر رتبة هذا
__________________
(١) سنن الترمذي (٤ / ٤٧) ح (٢٥٥٨).
(٢) سنن ابن ماجة (٢ / ١٤٤١) ح (٤٣١١).